التعسف باستعمال الحق

الأصل باستعمال الحقوق أن يكون هذا الاستعمال مشروعاً ( وفق القانون أو العرف ) وأن تحقق لمستعملها مصلحة مشروعة وأن لا تلحق الضرر بالغير إلا أن ذلك يستحيل تحقيقه ولابد من ضرر يلحق الغير يتجاوز الحدود التي يتسامح بها عادة.
وحتى يكون الشخص مسؤولاً عن التعويض عن الضرر الذي يلحق الغير لا بد أن يكون قد نشأ عن استعمال الحق بشكل غير مشروع أي أن هناك خطأً سبب الضرر للغير ( الخطأ ينجم عن مخالفة القانون أو الإهمال أو قلة الاحتراز ) وهذا ما كرسه المشرع السوري ونص عليه في المادة /164/ مدني : ( كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ). من ذلك فإن الضرر هو الركن المادي للمسؤولية ولا بد من إثباته أولاً ومن ثم إثبات الخطأ المسبب للضرر حتى تترتب المسؤولية عن التعويض وفي حال انتفاء الخطأ أو الرابطة السببية بين الخطأ والضرر انتفت المسؤولية وعد استعمال الحق مشروعاً وعلى ذلك نصت المادة الخامسة من القانون المدني : [ من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسؤولاً عما ينشأ عنه من ضرر ] إلا أن فقهاء المسلمين لم يتركوا هذا الحق مطلقاً وإنما قيدوه بأن يكون استعمال الحق من أجل تحقيق مصلحة مشروعة ( جلب منفعة أو دفع مضرة ) فإن انتفت المصلحة عد عمله غير مشروع وأنه متعسف باستعمال حقه ويتوجب عليه التعويض عن الضرر وذلك وفق معايير يجب توفرها وعن الفقه الإسلامي أخذ المشرع السوري بنظرية التعسف في استعمال الحق ونص عليها في المادة السادسة من القانون المدني على أنه : يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال التالية :


1- إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير ( القصد هو النية التي يمكن الاستدلال عليها بانتفاء تحقيق أية مصلحة مشروعة من استعمال الحق وتطبيقات هذه الحالة امتناع أحد الورثة عن تصفية التركة رضائياً - بناء مالك العقار في أرضه جداراً يمنع النور والهواء عن جاره دون أن يحقق له أي فائدة )

2- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر. ( وتطبيقات هذه الحالة، منع احتكار المواد الغذائية - تحديد الأسعار - منع استيراد وتصدير بعض السلع - الطلاق التعسفي )

3- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة وتطبيقات هذه الحالة ( فصل عامل من عمله دون سبب مشروع - إساءة استعمال السلطة الممنوحة للموظف بحيث يتجاوز حدود عمله ).




ولنظرية التعسف في استعمال الحق أهمية كبرى في الحياة العملية إذ يتوجب على كل شخص أن يضبط استعماله لحقه بضوابطها ليجنب نفسه المسؤولية ويحافظ على حق الجوار وصلة الرحم بين أفراد الأسرة الواحدة وللفقهاء والقضاء اجتهادات كثيرة وموسعة لهذه النظرية لا يتسع المجال لذكرها، لذلك اكتفينا بتقديم فكرة مختصرة عن هذه النظرة الهامة.‏